النفيعي: السجن سنة والغرامة 100 ألف عقوبة تزوير التقارير الطبية قال الدكتور عبدالله بن عبيد النفيعي أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف إن لائحة الإجازات الصادرة بقرار مجلس الخدمة المدنية نظمت الأمور المتعلقة بالإجازات المرضية في استحقاق الموظف لها، وأنه يجوز للموظف الحصول على إجازة مرضية في مدة 4 سنوات لا تتجاوز سنتين، وفق ترتيب موضح في اللائحة، كما أنه يستحق الموظف الذي يتعرض لإصابة، أو مرض يمنعه عن العمل بصفة مؤقتة، وتكون الإصابة غير متعمّدة، وبسبب العمل، إجازة مرضية لا تتجاوز سنة ونصف براتب كامل، وإذا لم يبرأ يعرض على الهيئة الطبية لتقرر. وقال النفيعي إن الإجازات الوهمية مبنية على الفساد، مخالفة لمبدأ الأمانة والأخلاق وتسبب ضرر كبير لأصحاب العمل، من خلال إرباك منظومة العمل، والتسبب في قلة الإنتاج، والتأثير السلبي على الاقتصاد، والخسارة المادية. وأضاف أنه ليس من السهل كشف تزييفها؛ لأنها في غالبها تحمل الصورة والشكل الرسمي من ناحية الإمضاءات والأختام، لكن إذا ثبت أنها غير صحيحة، فهنا تعتبر جريمة جنائية من الجرائم المتعلقة بالتزوير. وينص النظام على أن كلَّ مَن زوَّر أو منح بحسب اختصاصه تقريرًا، أو شهادة طبية على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة مالية لا تتجاوز 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
الجزاءات التي تقع على الموظف مزور الإجازة الإنذار الغرامة الحرمان من العلاوة تأجيلها لمدة لا تزيد على سنة تأجيل الترقية مدة لا تزيد على سنة الإيقاف عن العمل الحرمان من الأجر الفصل من العمل في الحالات المقررة في النظام
تكشف أسلوب التزوير وأسرار السوق السوداء لم يخطر ببالي وأنا أجلس مع أصدقائي كالمعتاد، أنني سأمسك بخيط يقودني لدخول عالم الإجازات المرضية المزورة، عالم تمتد خيوطه السرية من مواقع الإنترنت إلى أضابير بعض المؤسسات الصحية والأزقة الضيقة وجنبات الشوارع حيث يقف سماسرة الإجازات المرضية في مواقع يحددونها بدقة لتسليم الزبون الإجازة التي يطلبها واستلام الثمن بعيداً عن أعين الرقيب. بدأت القصة وأنا أجلس مع عدد من الأصدقاء، من سؤال بريء طرحته عفواً عليهم ونحن جلوس.. كيف يمكن للشخص أن يتغيب عن العمل دون عواقب؟.. لتأتي الحلول على شكل مقترحات من الحاضرين السحرية، فمنهم من قال: ادعِ وفاة أحد أقاربك.. وقال آخر: لقد مرض أحد أفراد أسرتك.. بينما ذهب أحدهم إلى أكثر من ذلك حين قال: قم بشراء إجازة مرضية!! ، تعجبت من هذا المقترح كثيراً ولكن ثقتي في جدية صديقي والدهشة التي أصابتني جعلتني انجذب إلى ما يقول حيث زاد قائلاً: أتغيب كثيراً وأدعي المرض بعملي وأنا موظف حكومي وأجلب لهم تقارير طبية مرة من مستشفى حكومي وأخرى من مستشفى خاص وثالثة من مركز صحي وبذات المرض الذي أدعي إصابتي به، وأحرص على تعدد المستشفيات لإبعاد الشبهات، حينها تحول الدهشة إلى رغبة وشغف في الذهاب وراء هؤلاء المزورين.. وعلى الفور اقتربت منه ليطلعني من خلال شاشة هاتفه على عالم التقارير الطبية المزيفة عبر الإنترنت، في مواقع تسويق وحسابات بتويتر تقدم لك ما تشاء من تقارير، وأخذت رقم جوال أحد الوسطاء واتصلت به وبكل بساطة قاطعني وأنا أتحدث عن غيابي قائلاً كم يوم تريد ؟ ومن أي مستشفى؟ قلت له أريد إجازة ليومين فقط.. وأرغب في تقرير صادر عن أحد أكبر المستشفيات الحكومية مرموق بجدة، فقال لي غداً نلتقي، قلت له كم سعر هذه الإجازة فأجاب: 150 ريالا فقط.. وأنهيت المكالمة عقب تحديد موعد اللقاء.. بائع الإجازات المرضية: توجهت للقاء الوسيط وخلفي زميلي المصور يتابعني بعدسة الكاميرا، قصدت المكان الذي طلب مني الوسيط الوقوف فيه بجوار إحدى الصيدليات، وماهي إلا 5 دقائق حتى وقف بجواري الرجل، وبيده ورقه بغلاف بلاستيكي خفيف جداً، شكرته على ذلك ورد ضاحكاً نعم لا نريد لها أن تتلف، طلبت أن ألقي على التقرير نظرة سريعة قبل أن أدفع له الـ150 ريالاً التي اتفقنا عليها، وحين نظرت إلى التقرير فوجئت بنموذج إجازة مرضية جاهز ومختوم لكن خاناته فارغة غير معبأة، سألته عن ذلك فقال لي: كل ماعليك أن تسجل اسمك ومعلوماتك ومرضك وتحدد عدد الأيام.. على ألا تزيد عن اليومين، لتبتعد عن الشبهة.. ومن ثم توقعها أو تجعل أي شخص يقوم بذلك إن خشيت أن يتعرف مدير عملك على خطك أو توقيعك، وأثناء اللقاء سألته: من هم أكثر المتعاملين معك.. فأجاب: طلاب وطالبات الجامعات هم أكثر زبائني، ثم الموظفين الحكوميين وعدد أقل من القطاع الخاص.. تبادر إلى ذهني سؤال حينها فقلت له لدي صديق عسكري وتعلم أن العسكريين يرابطون كثيراً وأرغب بأن أمنحه إجازة من أحد المستشفيات العسكرية.. فقال هذا صعب جداً المستشفيات العسكرية تتعامل إلكترونياً مع هذه الإجازات وترسل للوحدة نسخ عنها ولا أستطيع أن أتعامل فيها، وينحصر عملي في إصدار تقارير المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة، منحته الـ150 ريالاً.. وأخذت إجازتي المرضية وغادرت المكان.
الطالب السمسار تعرفت على وسيط آخر، عبر أحد مواقع التسويق على الإنترنت وحددت معه موعداً للقاء ولكن بعد أن طلبت منه إجازتين مرضيتين إحداهما من مركز صحي والأخرى من مستشفى خاص، اتفقنا على السعر، وعندما حان وقت اللقاء ذهبت إليه انا وزميلي المصور الذي بقي بسيارتي ليلتقط لي وله صوراً فوتوغرافية، وجهاز التسجيل معي يلتقط أطراف حديثنا ويوثقه كاملاً، كانت الأسعار هي ذاتها، لاتختلف كثيراً إلا بخصم 50 ريالا عن تقرير المستشفي الحكومي الذي استلمته سابقا من البائع الأول.. ولكن هذا تعاطفت معه أكثر، بدا لي شاباً يافعاً.. فبادرته بالسؤال هل أنت موظف بالصحة؟ قال لا أنا طالب فقلت له وكيف أصبحت وسيطا وبائعاً لتقارير الإجازات المرضية، فقال: بدأت القصة حينما كنت أتغيب ويأتي لي بهذه التقارير الطبية أحد أقاربي.. وجلبت له العديد من أصدقائي حين يتغيبون، ومع مرور الوقت أصبحت أكثر تمرساً، وأصبحت أتاجر في هذا المجال وأتكسب منه، وقريبي موظف بمركز صحي، وأسوق الإجازات من خلال الإنترنت أو من خلال أصدقائي أو معارفي، وكذلك تعرفت على عدد من العاملين بالمستشفيات الخاصة يقدمون لي التقارير وأنا أسوقها لزملائي أو المتعاملين معي عبر الإنترنت، لم أكثر عليه السؤال فقد بدا قلقاً من أسئلتي وكان كثير الالتفات كأنه يتوقع إلقاء القبض عليه في أي وقت، أعطاني الإجازتين، وكانت إحداهما من مركز صحي حكومي والأخرى من مستشفى خاص معروف بجدة، ومنحته 250 ريالاً وغادرت المكان.